ملاك البرية الوديع ومدبرها الحكيم (٢٣)
بسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين تحل علينا نعمته وبركته من الآن وإلى الأبد آمين.
تقول كلمات الكتاب المقدس “هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ.
لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ”
هذه الكلمات التي في الكتاب المقدس قيلت عن السيد المسيح بروح النبوة نرى معانيها تنطبق على نيافة الأنبا صربامون ونحن نجتمع كأبناء له أساقفة ومطارنة وكهنة ورهبان نجتمع لأننا أبنائه تربينا على يديه وتعلمنا منه شخص نعتبره زاد لنا على الأرض في رحلة الحياة التي عاشها وكرس نفسه ليعيش راهب في البرية كان يمثل صورة الرهبنة الأصيلة كما نقرأ عنه في كتابات آباء القرن الرابع و كأنه أتى إلينا من هذه الأزمنة البعيدة ونرى مجد الحياة الديرية نراه إنسان معلم بقدوته وصورته وشخصه. دخل الدير عمره ٢٢ سنة في نفس السنة التي أرتقى فيها قداسة البابا كيرلس السادس الكرسي المرقسي وعاش راهباً محبوباً من جميع أخوته وعاش خادماً ومحباً وتتلمذ خلال هذه الفترة على يد البابا شنوده الثالث وعندما صار البطريرك عام ١٩٧١ اختاره ليدير حال هذا الدير “دير الأنبا بيشوي” وكان عدد الأباء معدود وبدأ يقدم صورة روحية للرهبنة كما نقرأ عنها ونعيشها على يديه تتلمذ العشرات والمئات في مصر وخارجها وقدم صورة هادئة بكل تفاصيل الحياة الرهبانية كما يجب أن تكون عاش فقرًا اختياريًا وحياة البتولية وحفظ النذور الرهبانية بالحقيقة هو مدرسة. فمنذ استلامه الدير وخدمته فيه كوّن مدرسة روحية نفتخر بها ونشكر الله أننا تتلمذنا علي يديه وكثيرين الحتقوا بهذا الدير لأنهم رأوا الأب المحب الأصيل كانت قدوته هي التي دفعت كثيرين للحياة الرهبانية.
وأمتاز بنعمة خالصة وكان يريح النفوس لا يمكن أن تقابله في أي مقابلة إلا وتشعر بعد هذه المقابلة براحة. الله استخدمه لكي يكون ميناء سلام وفرح. في جلسات الاعتراف مهما كانت الكلمات التي تحملها تنساب إليك الراحة الداخلية. كم من مشكلات تعرض لها الدير، كم شخصيات تعبت وكانت تجد سلامها في مقابلتها معه، أمتاز بهذه الصفه وكان دائماً مشجع لأبنائه وكانت له كلمات يكررها كثيراً وتجد فيها راحة كان ميناء لتشجيع النفوس والراهب الذي يجاهد وكرس كل سنين عمره من أجل مجد الله. وكان إنسان مشجع جداً وخدم الكنيسة والوطن كان يرفع الصلوات من اجل مصر والكنيسة كانت صلواته من أجل أن يحل السلام في مصر وكان يقول أن مصر من أجمل بلاد العالم كان يفتخر بها وكان عندما يسافر للخارج ويعود يشعر بالفخر بها كان يعمل من أجل سلام الكنيسة وكان يصنع سلام في كل المشكلات التي تحدث وقدم الكثيرين من أبنائه ليخدموا ويكونوا أساقفة وهانحن نجتمع لنودع الأب الأسقف صاحب عمل وتعب فمن يربي أثنين أو ثلاثة يقول ربيت لكنه ربى العشرات والمئات من الأبناء في جموع كثيرة لأنه كان ذو جموع كثيرة يأتون يستلهمون منه هدوء وفرح نحن نجتمع ونشترك في وداع هذا الإنسان الذي عاش تقياً ونقياً عاش يخدم في هدوء لم يحاضر أو يكتب كتب لكنه كان في شخصه عظة لكل أحد عندما نجتمع ونشترك في هذا اليوم نودعه على رجاء القيامة ولنا رجاء كما اعانه الله يعيننا ولنا رجاء أنه يرفع صلوات كثيرة ويتشفع من أجلنا نودعه بدموع ونفرح أنه صار شفيع في السماء جميعاً نتعزى في هذا الدير . وعندما نبدأ حياتنا الرهبنية يصلي علينا صلاة الموت وكان الموت هو رفيق حياة الراهب وإننا نودعه لأنه عمل رسالته وقدم لنا نصائحه وأرشاداته أراه جسر يربط بين أباء القرن الرابع وأباء القرن العشرون والواحد والعشرون. نقل لنا حياة الرهبنة كما يجب أن تكون ليقبل الله صلواته عنا ويعطينا النهاية الصالحة وأشكركم لحضوركم وتعزيتكم. لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين.