يروي أبينا المحبوب القمص لوقا سيداروس لنا ذكريات أيام الاعتقال والسجن في سجن المرج، بناء على قرار الرئيس السادات فيما عرف بقرار التحفظ فى 5 سبتمبر 1981 ، قائلًا:
-أبلغتني تاسوني ماري زوجة أبونا تادرس في فجر الخميس 3 – 9 – 1981 ، أن المباحث حضروا إلى منزلهم وأخذوا أبونا تادرس معهم، فتعجبت وتساءلت هل المؤكد أنهم رجال من المباحث وهل تحققت من شخصياتهم، فأجابت بـ: لا.
ثم اتصلت بالمتنيح الأنبا تيموثاؤس وكيل البابا بالإسكندرية، وقد انزعج للخبر ولكنه ليس لديه فكرة عن الأمر، ثم اتصلت بالمرحوم الأستاذ ألبرت برسوم – كان يشغل منصب وزير – وقال أيضًا أنه لا يعلم أي شيء عن هذا الأمر.
_ وبعد دقائق دق باب بيتي، وأربعة أشخاص قالوا لي أن مفتش المباحث العامة يريدني، ففتحنا لهم حجرة الجلوس ودعوتهم ولكنهم اعتذروا بأدب ، فدخلت إلى غرفتي حتى أرتدي ملابسي ، فمد أحدهم يده إلى الكتب الموجودة على مكتبي، نظرت إليه وسألته عما يفعل فرد يده وقال لا شيء، ثم حدثني الضابط رئيسهم قائلًا: لا تخف يا أبونا دي كلها كام ساعة. فقلت له: ومن قال لك أني خائف ؟ لعلك أنت الخائف؟! رد على الفور إحنا في بيت أبونا لن نخاف. قلت له حسنا ، ثم أشار إلى صورة أبونا بيشوي كامل، متسائلًا : مين ده .. هو ده أبونا بيشوي؟ قلت له : نعم، فتساءل: هو مدفون فين؟ قلت له لماذا تسأل هذا السؤال الغريب وأنت تعلم؟ قال لا والله يا أبونا أنا لا أعلم لأنني ضابط في الجوازات وأنا منقول حديثًا للإسكندرية .. ثم ذهب معهم.
_ وجدت هناك أبونا تادرس وأبونا صموئيل ثابت ورجل مسيحي آخر جالسين في عربة البوليس محوطين بالمخبرين حولهم، وصلنا إلى مديرية الأمن ومن هناك ركبنا ميكروباص نحن الخمسة : أبونا تادرس وأبونا صموئيل والأستاذ عادل بسطوروس المحامي والأخ جورج وأنا … مع أربعة رجال مباحث وضابط والسائق وظلت عربات النجدة تسرع أمامنا وتسلمنا من بلد إلى بلد حتى وصلنا سجن المرج كل ذلك دون كلمة واحدة من أحد.
_ ثم أودعونا الزنزانة بعد التفتيش ودون كلمة واحدة الزنزانة 15 ، كان الأستاذ عادل بسطوروس وأنا نزلاء بها.. سجدنا للرب وصلينا صلاة الساعة السادسة وجلسنا نقرأ رسالة فيلبي رسالة الفرح الشديد التي كتبها القديس بولس في سجنه .
وكان أحد الآباء واقفًا يُصلي قبل قتل السادات بيوم واحد، وأثناء صلاته ودموعه سمعنا صوت يقول خرج الأمر، فالتفت إلى الكاهن زميله في الزنزانة وقال له ماذا تقول؟ فوجد زميله متثقلًا بنوم عميق فلم يكن الكاهن هو المتكلم، ولم يكن الصوت صوته.
_ فلما سمعنا خبر اغتيال السادات بكى بعض الآباء بصوت مسموع لم يكن قلبهم حب للنقمة ولا بغض حتى نجو من آلامهم وحكم عليهم هكذا وهكذا ظهرت نقاوة قلب بعض الآباء وانطباع وصية المسيح على قلوبهم وسلوكهم .
_ من أعجب الأمور الرؤى والأحلام التى رأها كثيرون، وكان للبابا كيرلس النصيب الأكبر منها فقبل ترحيلنا من الزنازين في سجن المرج بيوم رأى واحد أن الزنازين تنهار وتنكسر والبابا كيرلس واقف يقول لكل واحد يالله يا بني إلى أن خرج الجميع بسلام .