تعد الكنيسة المرقسية بالإسكندرية هي أقدم كنيسة في مصر وفي أفريقيا كلها حيث تم إنشاؤها عام 1870. نحتفل هذا العام بمرور 150 عاما علي إنشائها, وعرفت باسم كنيسة بوكاليا ومكانها هو نفس مكان الكاتدرائية المرقسية الحالية, وهذا المكان يتوسط الإسكندرية القديمة, وكانت الكنيسة المرقسية مقرا لبطريرك الكنيسة منذ جاء القديس مرقس ورشم إنيانوس الإسكافي ثاني بطريرك علي مصر من بعد مارمرقس, واستمرت مقر الكرسي البابوي لمدة ألف عام, ثم انتقل المقر عدة مرات إلي أن أصبح الآن في أرض الأنبا رويس بالعباسية, والمرجح أن المكان الموجودة فيه هذه الكنيسة هو نفسه بيت إنيانوس الإسكافي وهو أول من نال نعمة الإيمان هو وأسرته علي يد القديس مرقس وبعد أن تعمد هو وأهله وتحول بيته إلي كنيسة.
تاريخ كنيسة مارمرقس
تعد الكنيسة المرقسية بالإسكندرية أول كنيسة منزلية في مصر وأفريقيا واستخدمت للصلاة لأول مرة حوالي عام 62م مع دخول المسيحية إلي مصر عن طريق مارمرقس, حيث كانت الكنائس في بداية المسيحية كنائس منزلية, مثل علية مارمرقس في أورشليم, وهو منزل مريم والدة مارمرقس حيث تم فيه تأسيس سر الإفخارستيا وفيه حل الروح القدس علي التلاميذ وإليه لجأ بطرس الرسول بعد أن أخرجه الملاك من السجن.
وفي عام 68م استشهد القديس مرقس بالإسكندرية ووضع جسده الطاهر في الكنيسة, وقد تعرضت الكنيسة للتخريب وإعادة البناء لمرات عديدة علي مدار القرون الطويلة وظل منزل مارمرقس يستعمل للصلاة حتي بداية القرن الرابع, وبعد ذلك تم هدمه وبناء كنيسة في موقعه, وفي عام 302م قبل استشهاد البابا بطرس خاتم الشهداء صلي صلاة أخيرة فوق قبر مارمرقس.. وقتها كانت الكنيسة عبارة عن مكان صغير للعبادة علي ساحل الميناء الشرقي, وكان فيها جسد مارمرقس وبعض خلفائه الأطهار.
ثم في عام 321م تم توسيع هذه الكنيسة في عهد البابا أرشيلاوس الـ18, وفي عام 641م حدث حرق وتدمير شديد للكنيسة أثناء دخول العرب مصر إذ كان لها موضع مهم من الناحية الحربية فقد كانت قائمة علي سور المدينة وإلي جوارها أحد أبراج هذا السور وقد ذكرها بتلر وقال: إنها كانت عند ثنية المرفأ الأعظم وقد بلغت من عظم الشأن أنها كانت تحل محل الكنيسة الكبري فقد كان بناؤها جليلا ولها مسلتان قديمتان في فنائها فكانت تشرف فوق أسوار المدينة ولذلك كانت أيضا تسمي المعلقة كما كانت تسمي بكنيسة القمحة.
وقد أعيد بناؤها ودعيت باسم مارمرقس وحفظ فيها رأس القديس مرقس بعد حادثة محاولة سرقته سنة 644م والتي لم تنجح ولذلك كلف عمرو بن العاص البابا بنيامين 38 ببناء الكنيسة لحفظ رأس مارمرقس ولعل البابا أغاثون 39 هو الذي أكمل بناءها حسب قول المقريزوي, أما في عام 680م فقد قام البابا يوحنا السمنودي البطريرك الأربعون, بإعادة بناء الكنيسة.
وفي عام 828م تم سرقة جسد مارمرقس بواسطة بحارة إيطاليين, ونقل من الإسكندرية لمدينة البندقية (فينسيا) بإيطاليا.. وبقي رأس مارمرقس بالإسكندرية.
وقد دفن بالكنيسة 47 من بطاركة كرسي الإسكندرية ابتداء من مارمرقس رقم 1 حتي البابا شنودة الأول رقم 55, وأيضا بها تمت سيامة عدد من البطاركة.
و في عام 870م كانت الكنيسة المرقسية وراء الباب الشرقي لمدينة الإسكندرية وكانت تعرف باسم دير القديس مرقس وكان يعيش بها الرهبان وكانت تحتوي علي مدفن مارمرقس, وفي عام 1218م هدمت الكنيسة أثناء الحروب الصليبية بدعوي أنها تتحكم في الميناء والذي يستولي عليها يمكن أن ينصب فيها آلات الحرب ويتحكم في الخليج, وهذه الكنيسة هي التي زارها البابا بطرس السادس 104, وأخفي فيها رأس القديس مرقس خوفا عليه من السرقة.
وتمت إعادة البناء مرة أخري, وفي عام 1350م كانت الكنيسة المرقسية علي بعد ميلين (3.5كيلومتر) شرق الإسكندرية وهذا يؤكد اضمحلال المدينة وانكماشها خلال العصور الوسطي. وفي عام 1527م يذكر الرحالة بيير بيلون دي مانز أن الكنيسة مازالت قائمة.
أما في العهد الأيوبي, فقد هدم صلاح الدين الأيوبي الكنيسة المرقسية بحجة أن موقعها يعتبر حصنا عظيما يمكن أن يستفيد به الصليبيون لو هاجموا الإسكندرية, وقد حاول النصاري دفع ألفي دينار فدية عن الكنيسة ولكنه رفض وهدمت الكنيسة بالفعل.
وأيضا تم هدم الكنيسة المرقسية مرة أخري والمعبد اليهودي المواجه لها عن طريق الحملة الفرنسية عام 1798م خوفا من استيلاء الإنجليز عليهما والتحصن بهما.
فحمل كهنتها جميع أوانيها ومخطوطاتها وآثارها ونفائسها حيث حفظت بكنيسة رشيد وكان مما حملوه معهم أيقونة الشهيد مارمرقس وأيقونة للملاك ميخائيل ورفات الشهيد مارجرجس السكندري وما زالوا هناك حتي هذا اليوم, وبعض هذه النفائس نقل إلي المتحف القبطي فيما بعد, وموضع هذه الكنيسة يستنتجه بتلر من موضع المسلتين اللتين نقلت إحداهما إلي لندن سنة 1877م والأخري إلي الولايات المتحدة سنة 1879م وهي الآن في سنترال بارك في نيويورك ويمكن أن نعرف مكان وضعها حاليا بأنه في الجانب الأيمن في آخر شارع النبي دانيال بين البحر وشارع السلطان حسين وشارع صفية زغلول.
وفي عام 1805م أصدر محمد علي باشا فرمانا بإعادة بناء الكنيسة, وتمت بالفعل إعادة بناء الكنيسة وتدشينها بيد البابا بطرس الجاولي 109, في عام 1819م. وكان المعلم صالح عطاالله قد أخذ فرمانا بعمارتها من محمد علي الكبير ودشنها البابا بطرس الجاولي ومعه القديس الأنبا صرابامون أبوطرحة أسقف المنوفية والبحيرة, ولكن أيضا هدمت الكنيسة وفي عام 1869م قام أراخنة الإسكندرية واهتمو مع نيافة الأنبا مرقس مطران البحيرة في عهد البابا ديمتريوس 111 ببناء الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية بدلا من مبناها الصغير السابق وتمت إعادة بنائها عام 1870م.
وظلت هذه الكنيسة التي بنيت سنة 1870م قائمة حتي تهدمت أجزاء منها وانتشرت بها الشروخ وأصبحت قبابها آيلة للسقوط فاتخذ قرار بهدمها في 19 يناير 1950م وتجددت في عهد البابا يوساب الثاني 115 بصورتها الفخمة مستخدما الخرسانة المسلحة واحتفل في 25 سبتمبر 1950 بوضع حجر الأساس للكنيسة الجديدة في عيد مارمرقس في 30 بابة عام 1669 للشهداء الموافق 9 نوفمبر عام 1952م, قام البابا يوساب الثاني بتدشين الكنيسة وافتتاحها في حفل تاريخي كبير.
شكل الكنيسة الحديثة
الكنيسة قبل إعادة تشييدها عام 1952م, كان بها صحن الكنيسة وكان مغطي بقبة كبيرة تحملها الأعمدة الرخامية الستة الموجودة بواجهة الكنيسة الحالية, وكان بها مذبح واحد فقط وهو مذبح باسم مارمرقس أمامه حامل أيقونات رخامي جميل علي الطراز البيزنطي, ومزود بما يزيد علي ثلاثين أيقونة.. وهذا الحامل مع أيقوناته لايزال قائما حتي اليوم.
ولكن في عام 1947م هدمت تلك الكنيسة وتمت إعادة البناء وافتتاح الكنيسة الجديدة 1952م والكنيسة الجديدة أصبح بها ثلاثة مذابح: مارمرقس, مارجرجس والملاك ميخائيل.. أما حامل الأيقونات فقد تم تقطيعه بدقة وترقيمه لترميمه, ثم تركيبه بحرص مرة أخري في مكانه وإعادة استخدامه, ولم تهدم المنارتان بل تمت تقويتهما بواسطة قمصان خرسانية, مع تزيينهما بنقوش قبطية جميلة, وتم تركيب جرسين جديدين أحضرا خصيصا من إيطاليا جرس لكل منارة.
وفي عهد المتنيح قداسة البابا كيرلس السادس أقيم بالكنيسة مذبح رابع باسم مارمينا بالدور العلوي فوق الجناح القبلي للكنيسة دشنه قداسة البابا كيرلس السادس في يونية 1963م وفي عام 1968م تم إعداد مزار مارمرقس السياحي المؤدي إلي مقبرة البطاركة أسفل الكنيسة في الركن الغربي القبلي منها.
وفي عام 1990م قام مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث بتوسيع الكنيسة حتي أصبحت علي وضعها الحالي, فتضاعفت المساحة الكلية للكنيسة.
وتم نقل الأعمدة الرخامية الستة إلي المدخل الغربي الجديد للكنيسة, وعمل ست أيقونات قبطية بالفسيفساء في المدخل (السيدة العذراء- رئيس الملائكة ميخائيل- مارمرقس- مارجرجس), وفي صحن الكنيسة (مارمينا- الأنبا أنطونيوس), وتم بناء المقر البابوي الجديد الملحق بجوارها من الجهة البحرية, ويحتوي علي مقر البطريرك ووكيله بالإسكندرية وقاعات الكلية الإكليركية.
المذابح الموجودة بالكنيسة:
الكنيسة بها اليوم سبعة مذابح لإقامة القداسات هي: المذبح الأوسط باسم الشهيد مارمرقس, والمذبح القبلي باسم الشهيد مارجرجس الروماني, والمذبح البحري باسم الملاك ميخائيل, وقد تم تدشين هذه المذابح الثلاثة عام 1952م مع افتتاح الكنيسة في ذلك الوقت بيد البابا يوساب الثاني.
ويوجد مذبح علوي بالجهة القبلية باسم الشهيد مارمينا, والذي دشنه البابا كيرلس السادس عام 1963م, وأيضا مذبح علوي آخر بالجهة البحرية باسم الأنبا أنطونيوس, وقد اهتم بإنشائه عام 1975م القمص أنطونيوس ثابت كاهن الكنيسة ووكيل البطريركية في ذلك الوقت, ويوجد مذبح أسفل مقصورة مارمرقس باسم الأنبا إبرآم الذي دفن فيه الشهيد القس يوحنا كاهن كنيسة العذراء بالنوبارية والذي استشهد هو وزوجته وستة شمامسة وموقعه أسفل المزار البحري للشهيد مارمرقس بجوار مدفن المتنيح القمص شنودة عبدالمسيح كاهن الكنيسة ووكيل البطريركية الأسبق.
ويوجد أيضا مذبح كنيسة السيدة العذراء والقديس أبانوب النهيسي, أسفل الجزء الغربي من الكنيسة الذي تم توسيعه عام 1985-1990م.
رفات القديسين بمقصورة مارمرقس
يوجد بالكنيسة المرقسية جزء من حجر الجلجثة التي أقيم عليها صليب السيد المسيح بأورشليم, وجزء من خشبة صليب يسوع المسيح واردة من الفاتيكان, وجزء من حجر قبر العذراء والدة الإله, ورفات الشهيد مارمرقس كاروز الديار المصرية, ورفات القديس إنيانوس البطريرك رقم 2, ورفات الشهيد مارجرجس الروماني, ورفات القديس الشهيد يوحنا المعمدان, ورفات شهداء الفيوم, و جذع (الجزء السفلي) أحد شهداء الفيوم, ورفات الأنبا صرابامون الأسقف والشهيد, ورفات القديسين قزمان ودميان, ورفات القديس الأنبا أبوللو, ورفات الأم دولاجي وأولادها, ورفات القديس متاؤس الفاخوري, ورفات شهداء أخميم, ورفات شهداء كنيسة القديسين
مزار الآباء البطاركة بالكنيسة
يقع المزار في منتصف الكنيسة من الناحية الجنوبية, نجد مدخل المقبرة الأثرية الشهيرة التي تضم رفات الآباء بطاركة الكرسي السكندري في الألفية الأولي, فأثناء إعادة بناء الكنيسة وتوسيعها بين عامي 1950م و1952م, تم عمل هذا المدفن للآباء البطاركة وتم تثبيت لوحة رخامية كبيرة بجانب المدخل مكتوب عليها أسماء الآباء البطاركة باللغات القبطية والعربية والإنجليزية, خلفاء القديس مرقس الرسول حتي منتصف القرن الحادي عشر (1066م) عندما نقل البابا خريستوذولوس مقر البطريركية إلي القاهرة.
ويقع حاليا باب هذا المزار داخل الكنيسة في منتصف الحائط القبلي أسفل المنارة القبلية.. والسلم ينزل إلي سرداب, تحت مستوي أرضية الكنيسة الحالية بحوالي سبعة أمتار, يؤدي إلي مدخل المغارة وهي مغلقة في نهايتها برخامة مثبتة بإحكام.
وفي عام 1970م وبمناسبة رجوع جزء من رفات مارمرقس إلي مصر عام 1968م, تم عمل رسم حائطي بالفسيفساء, عبارة عن أيقونة لمارمرقس فوق باب المزار, مع مجموعة متتالية من الأيقونات الموزاييك أيضا في صحن المدخل, تروي قصة حياة القديس مرقس وكرازته واستشهاده, حتي عودة رفاته إلي مصر.
قنديل مارمرقس
قنديل له قصة شيقة, فقد حدث في أيام الخديوي عباس الأول عام 1850م عندما كان عائدا من رحلته في البحر الأبيض المتوسط, قادما إلي الإسكندرية ضلت سفينته طريقها, وحاول القبطان أن يصل إلي الميناء دون جدوي, وأخيرا لمح من بعيد ضوءا خافتا فاستبشر خيرا, فأخذ يتتبعه حتي وصل إلي الشاطئ بسلام, وهناك ابتدأ يبحث عن مصدر هذا النور, ولشدة تعجبه وجد نفسه أمام الكنيسة المرقسية التي كانت في ذلك الوقت تشرف علي البحر, وتطلع في مقصورة مارمرقس, واكتشف منبع النور الذي أرشد سفينته التائهة, وإذ به قنديل صغير معلق أمام أيقونة القديس, فاندهش وفرح, واعترافا منه بجميل مارمرقس عليه, أصدر فرمانا رسميا بصرف مبلغ 271 مليما قيمة زيت القنديل المستهلك سنويا وظلت محافظة الإسكندرية تصرف هذا المبلغ لهذا الغرض بنفس القيمة حتي سنة 1960م, ثم رفع المبلغ إلي 12 ضعفا, أي جعلته يصرف شهريا بعدما كان يصرف سنويا, إلا أنها حولت غرض صرفه ابتداء من هذا التاريخ ليس من أجل زيت القنديل, بل معاشا دائما باسم فقراء دير المرقسية ومازال هذا القنديل موجودا بالكنيسة حتي الآن.
جسد مارمرقس
ظل جسد الشهيد مارمرقس ورأسه معا في صندوق واحد حتي سنة 64م حتي دخول العرب مصر, وكان المقوقس هو البطريرك الملكي والحاكم المدني في نفس الوقت, فلما خربت واندلعت النيران في عدة كنائس وأديرة منها كنيسة مارمرقس, فقد حاول أحد البحارة أثناء الحريق سرقة رأس القديس, فخبأه سرا في سفينة, ولما عزم عمرو بن العاص علي مغادرة الميناء بجيشه لم تستطع تلك السفينة أن تتحرك رغم الجهود الكبيرة التي تمت لتحريك السفينة, وعندئذ اعترف البحار بجريمته وقام وأحضر الرأس المقدس, وفي الحال تحركت المركب فلما رأي عمرو بن العاص هذه الآية العظيمة اندهش جدا وأرسل في طلب بابا الإسكندرية الشرعي ليستلمه منه, وكان وقت ذاك هو الأنبا بنيامين الـ38, فوجده مختفيا في الصعيد بسبب مطاردة الملكيين له, فكتب له يستدعيه ويطمئنه, وعندما حضر استقبله وأكرمه إكراما عظيما, وسلمه الرأس المقدس كما أعطاه عشرة آلاف دينار لبناء كنيسة عظيمة تليق بصاحب هذا الرأس, كما أمر بتسليمه كنائسه المغتصبة وكان ذلك في 30 بابة سنة 644م.
سرقة جسد مارمرقس
ظل الرأس في حوزة الكنيسة المرقسية, بينما الجسد في حوزة الملكيين إلي أن تمت سرقته حوالي سنة 828م, بيد بعض الفرنج من فينسيا الذين احتالوا علي القائمين بحراسة الجسد من الروم الملكيين, وخبأوه في السفينة ثم غادروا الميناء قاصدين البندقية, وهناك استقبلهم أهلها بفرح شديد واحتفال مهيب وبنوا له كاتدرائية فخمة في بلدهم, وأودعوه فيها وأطلقوا عليه الأسد المرقسي كما اتخذوا الأسد رمزا لهم.
عودة الجسد
وظل الجسد هناك حتي سنة 1968م, حتي طالب المتنيح قداسة البابا كيرلس السادس بإعادة رفاته بمناسبة مرور تسعة عشر قرنا علي استشهاده, فعاد الكاروز متهللا بعد غيبة طويلة تقدر بعشرة قرون تقريبا, وكان البابا الراحل في مقدمة المستقبلين له في المطار.
و حمل البابا الصندوق الذي يحمل رفات القديس علي كتفه في بهجة ووقار, وكان قد أعد له كاتدرائية فخمة, بل هي أكبر كاتدرائية في القطر كاتدرائية القديس مرقس بالعباسية ووضع الجسد المقدس في مقصورة خاصة تحت الهيكل.
تقليد التبرك بالرأس عند رسامة البطاركة
يذكر التاريخ تقليدا كان متبعا في رسامة الآباء البطاركة أن يخرجوا الرأس, وبعد أن يضعوا عليه الأطياب والحنوط يلفونه بلفائف غالية ويحتضنونه للتبرك به وطلب شفاعة صاحبه والتعهد أمامه بالسير علي خطاه في المحافظة علي القطيع, وإرساء سبل التعليم المستقيم.
وظل هذا التقليد نافذ المفعول والرأس محفوظا في كنيسته حتي القرن الحادي عشر, وللخوف علي الرأس المقدس من السرقة أخذ يتنقل بين بيوت الأعيان فترة من الزمن, ولما ظهرت قيمته للحكماء وأصبحت مجالا لسلب أموال الأقباط تحت التهديد بأخذه أو بيعه اضطرت الكنيسة في عهد البابا بطرس الـ104, أي في بداية القرن الثامن عشر أن تبطل طقس احتضان الرأس المقدس, ووضعته مع جماجم أخري في جرن من رخام في الجهة البحرية الشرقية بالكنيسة المرقسية الحالية حتي لا يمكن الاهتداء أو التعرف عليه ولا تمتد يد السارق إليه.
150 عاما علي تاسيس الكاتدرائية المرقسية الحالية بالإسكندرية
وبمناسبة مرور 150 عاما علي تأسيسالكنيسة المرقسية بالإسكندرية وإجراء بعض الترميمات بها, قام الدكتور خالد العناني, وزير السياحة والآثار, يرافقه الدكتور زاهي حواس, بتفقد تلك الترميمات التي تجري كما زار خلال تفقده للكنيسة مدفن الآباء بطاركة الإسكندرية والذي يوجد فيه أيضا رأس الشهيد مارمرقس الرسول.
وتتضمن أعمال الترميم والتطوير بالكاتدرائية إنشاء متحف يحوي مقتنيات الكنيسة الأثرية, كتب الصلوات والملابس وأواني المذبح القديمة, بالإضافة إلي بانوراما تشرح دور الكنيسة المرقسية في نشر الدين المسيحي, من خلال كاروز الديار المصرية مارمرقس الرسول, بالإضافة إلي تخطيط جديد لفناء الكنيسة, تمهيدا لاستقبال الزائرين والسائحين.
وتنقسم المرحلة الأولي للتطوير إلي 3 أجزاء, تشمل ترميم الهياكل من الداخل, وتركيب تكييف مركزي للكنيسة, وتم الانتهاء منهما بالكامل, فيما يتمثل الجزء الثالث في ترميم حامل الأيقونات الأثري وجميع الأيقونات الأثرية في الكنيسة.