!د.ماجد عزت إسرائيل بيت لحم اليهودية والفرح العظيم: مَولِدِ مخلِّص هو المسيح الرب

د.ماجد عزت إسرائيل
بيت لحم اليهودية والفرح العظيم: مَولِدِ مخلِّص هو المسيح الرب !

     تفخر مدينة بيت لحم بفلسطين بوضع متميزبين جميع أنحاء العالم قديمه وحديثه،على الرغم من أنها ليس لها كثير من الخواص الطبيعية التىي تحالف المدن العظمي،وعلى الرغم من ذلك فقد حظيت باهتمام بالغ من المسيحيين لكونها مسقط رأس السيد المسيح،وأيضًأ الجغرافيين والمؤرخين وكذلك الأَثَرِيَّن وغيرهم. ويرجع الفضل في بناة بيت لحم إلى الكنعانيين حوالي (2000 قبل الميلاد)، وهم بطن من بطون العرب الأوائل، نشأوا في قلب الجزيرة العربية، وترعرعوا في أرجائها، ثم نزحوا إلى منطقة الشمال تحت تأثير عوامل طبيعية أساسها الجفاف حيث أسسوا بيت لحم واستوطنوها، ثم توالت عليها قبائل مختلفة في معتقداتها. كما أسسوا المدن والحكومات المستقلة، وبلغوا درجة كبيرة من الرقي في الزراعة والصناعة والتجارة، ولكنهم فشلوا في نظمهم السياسية، حيث نشأت حالة من الصراع والتناحر فيما بينهم. ونالت مدينة بيت لحم شهرتها العالمية بعد ميلاد المسيح فيها.
 
وتقع بيت لحم في الجزء الجنوبي من جبال الخليل،التي تمتد موازية لغور الأردن والبحر الميت،وتبعد نحو(7-10) كيلومترات جنوب مدينة القدس، ونحو(73) كيلومترًا شمال شرق قطاع غزة والبحر المتوسط، ونحو(75) كيلومترًا إلى الغرب مدينة عمان العاصمة الأردنية، ونحو(59) كيلومترًا إلى الجنوب الشرقي من تل الربيع. وتقع ذات المدينة على هضبتين يصل أعلاهما نحو (775) متراً ،أى نحو(2,543 قدما) فوق مستوى سطح البحر، ونحو(30) متراً، أى نحو(98 قدم) أعلى من مدينة القدس. والمدينة تقع مدينتي الخليل والقدس عند التقاء دائرة عرض 31.42ْ شمالاً وخط طول ْ35.12 شرقاً. وتبلغ مساحتها نحو(575 كم مربعاً) ، وتضم خمسة مدن رئيسية، وسبعين قرية، وثلاث مخيمات للاجئين الفلسطينيين. أما مساحة عاصمة المدينة والتى تعرف باسم مدينة”بيت لحم”؛ فتبلغ مساحتها نحو ثمانية آلاف دونم، وتقسم المدينة إلى العديد من الأحياء والأسواق التجارية.
وقد اختلف المؤرخون حول اسم مدينة بيت لحم (Bethlehem)، حيث اتخذت عدة أسماء فتشير رسائل تل العمارنة إلى أن اسم بيت لحم يرجع إلى اسم مدينة تقع في جنوب القدس عرفت باسم بيت “إيلو لاهاما”، أي بيت الإله “لاهاما” أو “لاخاما”، وهو إله القوت والطعام عند الكنعانيين بناة المدينة.وقد ورد اسمها عند الآراميين باسم “بيت الخبز”، وأيضًا اسم “أفراتة” أى”المثمرة”. وتعرف حاليًا باسم “بيت لحم”. ومن الجدير بالذكر أن ميخا النبى تنبأ عن مدينة بيت لحم أو مدينة “أفراتة”، وذكر أن السيد المسيح سيُولد فيها ودون ذلك في سفره قائلاً: “أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ.”(مي 5: 2).
ولبيت لحم قيمة تاريخية كبيرة خيث يخبرنا الكتاب المقدس في سفر التكوين (الإصحاح رقم29)، أن يعقوب أب الآباء الذي منحه الله لقب إسرائيل، ابْنُ رِفْقَةَ قد ارتحل إلى خاله(لابَانَ بْنَ نَاحُورَ) في حاران وتزوج بابنتها(لَيْئَةُ) و(رَاحِيلُ)، مقابل خدمته سبع سنوات، بالإضافة إلى عدد من سريتيه وقد انجبن له أحد عشر ابنًا وابنة (تك ص 31). وعندما اتي إلى أفراته (بيت لحم) وهو في طريقه إلى حبرون ولد ابنه الثاني عشر والأخير بنيامين، وماتت زوجته راحيل (تك ص 35: 16- 20) ودفنها بطريق بيت لحم (تك 35: 19، 48: 7) ولا يزال قبرها حتى كتابة هذه السطور. ثم ارتحل إلى حبرون وقابل أباه إسحاق. ومات إسحاق بعد ذلك التاريخ بنحو 23عاما. ودفنه عيسو ويعقوب (ص 35: 28 و29). وبلغ عدد أولاد يعقوب12ولدا هم الذين عرفوا بالأسباط. وشهدت المنطقة بما فيها بيت لحم خلال القرنين العاشر والحادي عشر قبل الميلاد أحداث تاريخية هامة حيث تمكن بنو إسرائيل من إقامة مملكة موحدة عرفت باسم “مملكة إسرائيل”. ولكن سرعان ما انقسمت على نفسها بين إثنين من أسباط بني إسرائيل إلى مملكتين هما مملكة يهوذا (923-586 ق.م)، ومملكة إسرائيل (928-722 ق.م). وبعد أن دخلت مدينة بيت لحم تحت الحكم الروماني، بنى فيها الملك هيرودوس الأول (74- 4 ق.م) قلعة يلجأ إليها في وقت الحروب. وقد زارت الملكة كيلوباترا السابعة ملكة مصر مدينة أورشليم(القدس) وبيت لحم اليهودية عام (34 ق.م) بناء على دعوة من الملك هيرودس الأول (74- 4 ق .م). الذي عاش في فترة حكمه زكريا ويوحنا المعمدان وفي أواخر عهده (أى 4 ق.م) ولد مخلص العالم السيد المسيح في مدينة بيت لحم اليهودية، وفي ذات العام توفي الملك هيرودس.
وقد بشر ملاك من عند الرب الرعاه بمكانة مدينة بيت لحم وبمولد الطفل يسوع المسيح حيث ذكر إنجيل لوقا قائلاً: “وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ،وَإِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفًا عَظِيمًا. فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ:أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلًا مُقَمَّطًا مُضْجَعًا فِي مِذْوَدٍ».” (لو 2: 8 – 12).ولد يسوع المسيح من روح الله القدوس،ومن عذراء لم تعرف رجلاً تدعى مريم، فكان ميلاداً إلهياً،لم يحدث له نظير قط لا من قبل ولا من بعد! كما ذكر عنه فى الكتاب المقدس: “لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام” (إشعياء 6:9). جميع الأنبياء تنبأوا عنه بآيات كثيرة، وكل الحوادث والشواهد تتجه نحوه،وتنتهي إليه،حتى الزمن قيل إنه سيبلغ ملأه يوم مجيئه،وقد كان فبدىء بالتاريخ منذ الميلاد. وهكذا لم يكن المسيح نبياً ليتنبا عن مجىء أحد آخر،ولا رسولاً ينتهي عند تكميل رسالته، بل كان هو”كلمة الله”…”إتّخذ جسدًا، صورة اللَّه الذي هو اللَّه إتّخذ صورة العبد ” اَلَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا لِلَّهِ. لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ” (في2/6-7).وعاش كإنسان بين الناس، ودعا نفسه “ابن الإنسان”.
يوم مَولِدِ مخلِّص هو المسيح الرب يعد عيداً،وأيضًا ميلاداً جديداُ للإنسان حيث أصبح لنا ميراث أبوي في السموات،ومجد لاينطق به. وكذلك مَولِدِ المسيح عطاء مجاني للإنسان الذي شبع شقاء عبر الدهور. كما أن مولده هو إعادة تصحيح المسار بالرجوع إلى الله”ارجعوا إلى،أرجع إليكم” (ملاخى 3:7). فإذا أردنا أن نبحث عن الله فلنطلبه بكل قلب صافى ليس من أجل منفعة أو ضيقه نمر بها؛”فإنه مكتوب “أطلـبوا الرب مادام يوجد أدعـــوه وهو قــريب، ليترك الشرير طريقـه” (6:55) فلا يمكن أن يرفض الله أى إنسان يطلبه ويلجأ إليه، كما أن مَولِدِ مخلِّص هو المسيح الرب رسالة فرح وتفـــــاءل لكل البشرية،حتى الملائكة فرحوا قائلــين:”المجد لله فى الأعلى وعلى الأرض الســـلام، وفى الناس المسرة”.
إذاً، فاليوم عيد مَولِدِ مخلِّص هو المسيح الرب، أي أن مَولِدِه من أجل كل البشرية وليس إحتكار على المسيحيين دون سواهم، لأنه وُلِدَ للبشرية مُعين، وأُعطِيَ للإنسان ابن تكمَّلت فيه كل إعوازها. كما أن بيت لحم زادت مكانتها وقيمتها وعظمتها بيت المدن حيث ورد ذكرها بالكتاب المقدس قائلاً: “وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».” (مت 2: 6). كما أن المجوس فرحوا بمَولِدِه وزاروه في بيت لحم اليهودية وقدموا هداياهم. كما دون القديس متى قائلاً: “فَلَمَّا رَأَوْا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا. “وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ، وَرَأَوْا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ.فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ.ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَبًا وَلُبَانًا وَمُرًّا.”(مت10:2- 11). ما أحكم المجوس وما أعمق سر الهدايا. إن أسرارها لكثيرة!

وبمناسبة عيد ميلاد الرب يسوع الذي أصبح البداية الحقيقية للعام الجديد وللحياة البشرية كلها. كما ذكر القديس لوقا قائلاً:” فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ:أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ “. (لو 2: 10). نطلب من الله سلاما لمصرنا الحبيبة، وللعالم أجمع، في ذكرى مَولِدِ مخلِّص هو المسيح الرب.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top