الرسالة إلى رومية الأصحاح 12 اية2
التغيير أمر ضروري وحتمي، بل وسمة من سمات الإنسان ، فهو يمر بمراحل التغيير بدءاً من جنين في بطن أمه ثم رضيع ثم طفل ثم شاب ثم ناضج ثم كهل ثم شيخ ثم شبعان أيام ….
ففي كل مرحلة يمر بها يتمتع بالعديد من السمات ويكتسب كثير من المهارات اللازمة لاندماجه في الحياه و المجتمع بكافة جوانبه و على كافة المستويات ، فكل مرحلة تمر من عمره لا يمكن أن ترجع ولا تعود كما كانت بل تتبدل ملامحها مهما كانت جذابة وممتعة لتظهر ملامح جديدة قد تبدو غريبة وغير معتادة في بدايتها بينما تظهر حلاوتها وتألقها وجمال النضج فيها عما سبقت .
وكما أن الجسد ينمو وينضج كذلك الروح تنمو بعلاقتها المستمرة مع الله دون انقطاع ، بل والنفس أيضا ، وكما أن الجسد يتغذى ويكبر بالغذاء والشراب والرعاية الصحية كذلك النفس تنضج بإدراكها لكل مرحلة وإدراك حتمية فنائها وتمتعها بمرحلة جديدة والاهتمام بها ورعايتها .
الرسالة الأولى إلى كورنثوس الأصحاح 13 اية 11
11 لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْل كُنْتُ أَتَكَلَّمُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْطَنُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ.
فالشخص غير الراضي عن حياته إنما يدل على عدم رضاه عن نفسه وعدم قبوله لعبوره من مرحلة إلى مرحلة. بل قد يتوقف نضجه النفسي عند مرحلة بعينها .وذلك ما يسمى (المعيلة ) أي رفض النضج ،
فلن يستطع أحد أن يغير الظروف المحيطة به ولا الأشخاص الذين حوله ولا سيما المُتعبين منهم دون أن يتغير هو أولاً ويغير نظرته للأمور حوله ،
قد يبدو لنا في معظم الأوقات أن مجرد رثائنا لحالنا من الظروف أو أشخاص مزعجين يحيطون بنا قد يخفف عنا أو ربما يكون كافيا لنزيح العبء عن كهولنا بالفضفضة ، ولكن في واقع الأمر لا تنفع الشكوى ورثاء النفس بل تزيدها عبئا فوق عبء .
وقد يغطس الشاكي في بحر شكواه ويسبح في أفكاره المزعجه ويصدق أن من حوله غير مهتمين براحته فلا أحد يفهمه ولا أحد يهتم لأمره بل أن الظروف حوله باتت مملة متعبة وعلى غير هواه .
و لن يؤدي الغرق في بحر الشكوى سوى المزيد من الألم والتمرد بل النميمة والإدانة والتذمر متغافلاً أن مالك نفسه خير من مالك مدينة .
إنجيل لوقا الأصحاح 6 اية 42
42 أَوْ كَيْفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقُولَ لأَخِيكَ: يَا أَخِي، دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِكَ، وَأَنْتَ لاَ تَنْظُرُ الْخَشَبَةَ الَّتِي فِي عَيْنِكَ؟ يَا مُرَائِي أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ.
فمن يريد تغيير الظروف عليه أن يتغير هو أولاً ، عليه أن تنفتح عينيه على واقعه هنا والآن . ولا يظل متشبثاً بلعبته القديمة التي كان مستمتعا بها في ماضيه معتمداً على إستقراره وأمنه وسلامه النفسي من خلالها.
فالإنسان قد يريد أن يدير الكون ولا يستطيع أن يدير شئون نفسه ..يغدو شاكياً متذمراً بل عنيفا في بعض الأحيان إن لم يحصل على مايريد ، فتلك ذاتاً مزيفة تظهر القوة وفي أعماقها منتهى الضعف ، حيث ليس لديه القوة الحقيقية لمواجهة ذاته، فعليه أن يقف مع ذاته ولكن غير قاسيا عليها بل مترفقاً ، عليه أن يرى ما مر به من تعب في مراحل عمره السابقة جعلته معتمداً على شئ ما لم يعد موجودا في حاضره فأصبح غير متصالحاً مع نفسه الآن منهكاً ذاته بعدم قبولها ورفضها .
فعليه أن يطبطب عليها ويهدئها ، يضمها إليه بحنو و يقلم اوراقها ، فالشجرة كلما كبرت و تناثرت فروعها فيأتي بستاني ماهر محباً لأشجاره ليهذب أوراقها لتكون في أبهى صورها ،
عليه أن يكتشف إمكانياته الجديدة التي قد لا تتلاءم مع الظروف الجديدة التي يشكو منها ، قد يكون عليه تعلم شئ جديد أو ترك عادة قديمة إعتاد عليها ولكنها أصبحت غير ملائمة لظروفه الان ، عليه أن يفتش قد يكون لديه موهبة حباه الله بها ولم يكتشفها حتى الآن فعليه أن يبحث عنها ويستغلها . فلكل مرحلة في عمر الإنسان حلاوتها وعذوبتها بل هناك رسائل يبعثها الله لنا لنوظفها لمجده هو وحده فعلى كل إنسان أن يقبل محدوديته فهو بشر محدود في كل شئ وغير مطالب بكل شئ وغير مطالب بالكمال، فكلنا بشر طبيعتنا النقص ولكن كمالنا نستكمله من ضعفنا واتضاعنا تحت يدي الله كلي الكمال والقدرة .
الرسالة الثانية إلى كورنثوس الأصحاح 12 اية 9
9«تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ.