الحب الحقيقي ..ماريان مدحت

احبب قريبك كنفسك ..
تلك وصية كتابية وصانا بها رب المجد يسوع ؛ و لم يتركنا حيارى في كيفية تنفيذها ، بل و من حيث انه يعلم جيدا ما للإنسان وماهي أعماقه الروحية والنفسيه ،ضرب المثل الأقرب للرد على سائله حينما سأله.. ومن هو قريبي؟

فمثل السامري الصالح ، هو أعمق مثل يبرهن بل ويدل على الحب الحقيقي بأشمل وأعمق  معانيه ولكن ما أن قرأت هذا المثل إلا أنني في كل مرة أتفكر ليس في أمر ذلك السامري المحب الباذل الذي قدم محبة حقيقية باذلة غير مشروطة فحسب وإنما يتبادر إلى ذهني موقف اللاوي ثم الكاهن ، أتأمل بل وأتساءل هل كلا منهما وعلى الرغم من درجتهما الروحية ومكانتهما الكنسية أيعرفان الله حق المعرفة عن قرب ؟ هل يعرف كل منهما ذاته حق المعرفة هل يحب كل منهما نفسه بحق ولذلك خشيا التأخر على عبادتهما ؟

فقد يوضح المشهد انانية مفرطة في ترك ذلك المسكين المجروح بين الحياة والموت ..يالها من قسوة بشرية غير مفهومة !!..إلا أنني دهشت حينما وجدت أن كلا منهما وعلى رغم جميع مؤهلاتهما الروحية إلا أنهما بعيدان كل البعد عن عمق معرفة الله وبالتالي فهما متغربان عن ذواتهما فلا يعرفانها  وبالتالي لم يستطيعا محبتها ، فأنك وإن سلطت الضوء رويدا على مشهد كلتيهما فسوف تجد كلا منهما يفر هاربا خاشيا تأخره على موعد( عمله) أقصد عبادته… وكأن الله المدير القاسي الذي يقف على دفتر إمضاء الحضور متربصاً لموظفيه خاصماً او مجازياً او رافداً من مؤسسته من يتأخر عن موعده فكل على حسب ساعات تأخره ..

ألا ترى معي أن في ذلك المشهد غربة تامة عن الله بل وبالأكثر عن النفس فأحدهم لا يعي مكانته عند الله ولا يدرك أهميته وتفرده وكم هو مقبول ومحبوب ذلك الحب غير المشروط الذي قدمه الله لنا ونحن بعد خطاه؛ الذي احبنا قبلاً ..اما هذا السامري فقد استطاع تقديم الحب والأمان والرعاية لذلك الغريب الجنس لأنه في الأصل متصالحاً مع نفسه (محب لنفسه) مدركاً عمق محبته لله بل عمق محبة الله له ، تلامس مع حب الله غير المشروط له من خلال عشرته معه عشرة المحبة الحقيقية متلامساً مع حنانه وأبوته ورعايته ، ذائقاً غفرانه وقبوله بكل أحواله ، فلذلك استطاع أن يقدم كل هذا الحب بل أتجاسر وأن اقول أنه استطاع أن يكون إنعكاساً لصورة خالقه الذي يحب ويقبل ويسامح ويغفر ويطيب الجراح ..ويقدم حباً حقيقياً نابعاً من القلب ..حباً غير مشروط.

والآن فلنسأل أنفسنا ..كيف نقيم علاقتنا بذواتنا ؟ هل بالفعل نحبها ؟ بل كيف نقيم علاقتنا بالله ؟.. هل نرى الله فينا ونُريه  ؟وهل نراه فيمن حولنا ؟

فإن أحببنا أنفسنا تنكشف لنا عمق محبة الله لنا وبالعكس فإن تلامسنا مع حب الله العميق لنا نستطيع أن نقبل ونحب أنفسنا وبالتالي الاخرين ..لأن الله محبة

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top