الأحد الثاني من شهر بؤونه تحتفل الكنيسة بهذه المعجزة، معجزة المفلوج المدلى من السقف، بما أننا في صوم الرسل الكنيسة تقدم لنا مشاهد من حياة السيد المسيح ومشاهد من الخدمة.
في هذه القصة البسيطة نتذكر أن في القرن الأول لم يكن هناك طب أو دواء أو مستشفيات، لكن الأربع أصدقاء كانوا يحبون صديقهم جدًا وحاولوا أن يقدموه للسيد المسيح لأنهم سمعوا أنه يستطيع أن يشفيه، لكن لم يستطيعوا أن يدخلوا من الزحام، فكانت النتيجة أنهم فكروا بصورة إبداعية، وصعدوا إلى السقف وأزاحوا بعض الخشب الموجود بالسقف وأنزلوا السرير من السقف وتعاونوا حتى وصل صديقهم المريض أمام السيد المسيح، وهذ المعجزة مذكورة في إنجيلي متى ولوقا، يقول الكتاب ” فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ ” وبرغم أن الإيمان لا يُرى ولكن العمل الكبير الذين قدموه لصديقهم المفلوج، وكان هناك ارتباط في الفكر اليهودي بين المرض والخطية، هنا السيد المسيح رأى فيهم الإيمان العامل بالمحبة، الإيمان في القلب لا نستطيع أن نرى الإيمان، لم يكن لهم صوت ولكن إيمانهم كان به إصرار وتعاون وإبداع وقدموا مريضهم، وهنا رأى السيد المسيح إيمانهم.
السؤال الذي نضعه أمامنا هو: كيف يرى السيد المسيح والناس إيماننا؟
الإيمان ليس بالكلام ولكن بالعمل، والقديس بولس يقول لنا: ترجم إيمانك إلى محبة ليس الإيمان أن تدخل في مناقشات وحوارات ولكن الإيمان هو أن تحول إيمانك إلى أعمال محبة متعددة لا تنتهي وهذه الأعمال سوف تُظهر إيمانك، وكانت النتيجة بعد أن وضعوا المريض أمام السيد المسيح ” يَا بُنَيَّ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ “، ولكن الكتبة الذين كانوا حاضرين اعترضوا: “مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ؟ “، هناك من يأتي ليستفيد ومن يأتي لينال الشفاء وهناك من يأتي لينتقد وهذه طبيعة الحياة، وأيضا في قصة المولود أعمى اعترض الفريسيون والكتبة وشككوا في المعجزة، النقد موجود في كل زمان وهذا ما حدث في قصة المفلوج، ولكن السيد المسيح يوضح لهم أن هنالك مرض الجسد و مرض للروح، والسيد المسيح قدم مرض الخطية أولًا لأنه الأصل في المرض وبعد ذلك قال له “قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ”، أجمل ترجمة للإيمان أن تترجمه إلى عمل محبة.
نحن اليوم نحتفل بتذكار الأربعين لأبينا الحبيب المتنيح نيافة الأنبا رويس الأسقف العام متذكرين جهاده وأتعابه ومحبته الشديدة ومتذكرين حضوره الملائكي الهادي وكلامه القليل، هذه الآيه تنطبق عليه “فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ” السيد المسيح رأى إيمان هذا الرجل الناسك ورأى تعبه وبرغم أنه لم يكن كثير الكلام ولكنه حول الإيمان إلى أعمال المحبة الكبيرة التي يشهد بها الجميع في كل مكان، نتذكر أنه استطاع بنسكه وتكريسه وقلبه المخصص لله وحمل اسم رويس وكلنا نعرف أن القديس الأنبا رويس كان بياع ملح، ولم يكن هناك الكثير من الأساقفه يطلق عليهم اسم رويس، ولكن نيافة الأنبا رويس استخدم روحه وتكريسه وأسقفيته في تقديم أعمال المحبة الكثيرة التي خدم بها في كل مكان، خدم الأيتام والأرامل والفقراء والمحتاجين وخدم بحضوره الهادئ الملائكي، نحن نتذكره اليوم ونعزى كل الأسرة ويشترك في ذلك نيافة الأنبا دانيال ونيافة الأنبا يوليوس وهذه فرصة جيدة أن تحضروا معنا ونتذكره ونطلب صلواته وشفاعاته ويرفع أمام الله كل أتعابنا وهو كان إنسانًا فاضلًا عاش بيننا وقدم صورة حلوة لنا جميعًا، هو عاش حياته وكملها بسلام وخدم كنيسته خدمة هادئة مثل الشمعة التي تنير بدون صوت تذوب باستمرار وينزل منها دموع وهى رمز للصلاة المرفوعة وتنير وتجعل حياة الناس منيرة، ربنا يعزينا جميعًا ويعزي كنيسته ونهدي التعزية لكل أحبائه الذين خدمهم هنا في مصر وفي كندا وفي كثير من البلاد وكان حضوره محبوبًا من الكل، يعطينا السيد المسيح أن يكون لنا جميعًا النهاية الصالحة ويعطينا الرب أن نحول إيماننا إلى أعمال المحبة الكثيرة ليقبلها الله كرائحة بخور وسرور أمامه ويكون الله فرحًا بها ومن خلال هذا الإيمان يصنع المعجزات. لإلهنا كل المجد والكرامة من الأن وإلى الأبد. آمين.